تظهر الولاية والوصاية على القُصّر فى التركات مباشرةً عند وفاة العائل ووجود أبناءٍ قُصّر أو محجورين يحتاجون إلى من يتولى إدارة أموالهم داخل ملف التركة. وقد يبدو الطريق بديهيًا، لكن التفاصيل الإجرائية والقانونية—من تعيين الولي أو الوصي، إلى حدود التصرف، إلى الإذن القضائي في البيع أو الاستثمار—تُحدّد مصير أموال القاصر لعقودٍ قادمة. هذا الدليل العملي يضع خارطةً واضحة لكيفية حماية حقوق القُصّر دون تعطيل قسمة التركة، وكيفية إدماج الجهات الرسمية داخل سياق العمل اليومي: خدمات التركات عبر ناجز للرفع والمتابعة، إرشادات وزارة العدل السعودية للصيغ والمتطلبات، ونصوص هيئة الخبراء – الأنظمة السعودية للسند النظامي عند الحاجة.
ما الفرق بين “الولاية” و“الوصاية”؟
- الولاية: سلطة شرعية أصيلة تثبت للأب ثم من يليه على الأولاد القُصّر، تشمل رعاية النفس والمال معًا وفق الضوابط.
- الوصاية: تعيين قضائي (أو منصوص في وصية صحيحة) لإدارة مال القاصر عند عدم وجود وليٍّ أهل أو عند تعارض المصالح، وتكون مقصورة على المال غالبًا وتحت رقابة المحكمة.
الفهم الدقيق للفارق مهم؛ لأن نطاق الصلاحيات والإذن القضائي وتقرير الأتعاب يختلف باختلاف الصفة.
لماذا تُعقّد التركة وجودُ قُصّر؟
لأن كل تصرفٍ يؤثر على نصيب القاصر—بيع عقار، نقل حصص، تسييل محفظة، رهن مؤقت، تغيير طريقة الاستثمار—يحتاج مسوغًا قضائيًا واضحًا يراعي مصلحة القاصر، وإلا صار عرضةً للإبطال أو المساءلة. كما أن ديون التركة وتقديمها على القسمة تتطلب قراراتٍ مالية محكمة بأدلةٍ موثقة. وكل ذلك لا يُدار بعشوائية؛ بل عبر بوابة خدمات التركات عبر ناجز، مع الالتزام بما تنشره وزارة العدل السعودية من ضوابط، والاستناد إلى نصوص الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية عند تسبيب الطلبات.
المعالم الكبرى لإدارة أموال القُصّر داخل التركة
- إثبات الورثة وتحديد القُصّر: صك حصر ورثة يُظهر الأعمار والأهلية.
- تعيين الولي/الوصي: بتأكيد الولاية أو بقرار قضائي بتسمية وصيٍّ أمين مع بيان حدود الصلاحية ومدتها.
- فتح حساب مُسمّى لأموال القاصر أو حساب التركة الذي تُدار منه أموال الجميع حتى القسمة.
- جرد التركة: عقارات، محافظ، حصص، ودائع، منقولات، ديون مستحقة على التركة—ومستندات تثبت ذلك.
- خطة إدارة تُبيّن كيف تُحفظ الأصول، متى تُباع، وعلى أي أساسٍ تُستثمر أو تُسيَّل، وما الاحتياط للديون والمصاريف.
- الإذن القضائي عند كل تصرفٍ مؤثر: بيع عقار، تسييل محفظة، توزيع مؤقت، رهن قصير، عقد طويل المنفعة.
الإذن القضائي… متى يكون لازمًا؟
الأصل أن التصرفات الجوهرية في مال القاصر لا تجوز بقرارٍ منفرد من الولي/الوصي. من أمثلة ما يلزم له إذن:
- بيع عقار أو حصة شركة أو التنازل عن حق عيني.
- استثمار عالي المخاطر أو نقل استثمار إلى فئة أكثر خطورة.
- الاقتراض أو الرهن على أصل يخص القاصر.
- توزيع نقدي من نصيب القاصر قبل القسمة النهائية.
أما الإدارة المعتادة—تحصيل إيجارات، صيانة ضرورية تحفظ الأصل، دفع رسومٍ واجبة—فغالبًا تكون ضمن الصلاحية إذا أُقرت في الحكم، مع وجوب المستندات والحسابات.
معيار “مصلحة القاصر” في كل قرار
عند تقييم أي طلب إذن، يُوزن القرار بمسطرة “المصلحة”:
- حفظ القيمة: هل البيع اليوم يمنع خسارة أكبر غدًا؟
- البدائل: هل يمكن الإيجار أو التطوير بدل البيع؟
- التكاليف: ما أثر الصيانة والرسوم على صافي العائد؟
- العدالة بين الورثة: هل يتضرر القاصر إذا احتُجز أصل غير منتج لسنوات؟
يجب تسبيب كل طلبٍ بمذكرة موجزة تتضمن جدول مخاطر، وتقييمين مستقلين عند البيع، وخطة توثيق التنفيذ.
خارطة طريق تنفيذية (من اليوم الأول حتى القسمة)
1) إجراءات تأسيسية عبر المنظومة الرسمية
- رفع إثبات الورثة وتعيين الولي/الوصي أو تثبيت الولاية عبر خدمات التركات عبر ناجز، ومطابقة النماذج ومتطلبات الإعلان وفق ما تنشره وزارة العدل السعودية.
- الإشارة في المذكرات إلى قواعد الإثبات والتنفيذ الواردة في نصوص هيئة الخبراء – الأنظمة السعودية عند الحاجة لتسبيبٍ نظامي.
2) الجرد المحاسبي والقانوني
- حصر الأصول والالتزامات بملفٍ موثق: صكوك، كشوف بنكية، تقارير محافظ، عقود إيجار، مطالبات قائمة.
- فتح حسابٍ مخصص تُورَّد إليه المتحصلات ويُصرف منه على النفقات المأذون بها، مع منع الخلط بالحسابات الشخصية.
3) خطة إدارة للأصول المنتجة
- في العقار المؤجر: استمرار التحصيل وفق عقودٍ واضحة، وصيانة وقائية بموازناتٍ معتدلة.
- في المحافظ المالية: تقييم درجة المخاطر، والالتزام بحلولٍ متحفظة إلى حين القسمة.
- في الحصص والشركات: مشاركة في الإدارة بحدود، أو طلب حارس قضائي عند تعذّر الشفافية، أو خبير قسمة/مُصفٍّ إن تبيّن أن البيع المنظم يحفظ القيمة.
4) قرارات البيع أو الإبقاء
- إن كان الأصل غير منتج ويستنزف نفقات، يرجّح البيع وفق تقييمٍ مزدوج ومسطرة مزاد/مفاوضة موثقة.
- إن كان منتجًا بعائدٍ مستقر، يُنظر للإبقاء المؤقت وتوزيع الريع في وعاء التركة مع احتياط للقُصّر حتى القسمة.
5) التقارير والحوكمة
- تقارير ربع سنوية: كشف حساب بنكي، بيان متحصلات ومصروفات، موقف الديون، إجراءات نفذت بإذن.
- محطات مراجعة قضائية عند الحاجة لتوسيع/تعديل الصلاحيات.
سيناريوهات عملية متكررة
أ) عقار موروثة يسكنها أحد الورثة الراشدين وفي الورثة قاصر
- الحل: بدل انتفاع يُقيد شهريًا لصالح القاصر وبقية الورثة، أو بيع منظم وقسمة الثمن إذا تعذر الانتفاع العادل.
- المستند: عقد انتفاع مؤقت، أو محضر بيع بموجب إذن قضائي، وتوريد كامل المتحصل لحساب التركة.
ب) محفظة أسهم متقلبة ونسبة كبيرة من نصيب القاصر فيها
- توجّه متحفظ: تقليل المخاطر، أو بيع متدرج بأوامر محددة، أو نقل المراكز إلى أدوات أقل تذبذبًا.
- كل تصرفٍ مؤثر يُرفع بإذن ويُسند بتقرير مخاطر، ويُحفظ الناتج في حساب التركة.
ج) مشروع عائلي يديره أحد الورثة مع تزاحم الأدوار
- إذا تعذّر ضبط الإدارة بحوكمة داخلية، يُطلب حارس قضائي أو مُصفٍّ يحفظ تدفق العوائد وشفافية الحسابات، مع تقارير دورية إلى أن تُحسم القسمة.
أسئلة محورية يجيب عنها هذا الدليل
هل يحق للولي بيع عقار يخص القاصر دون إذن؟
لا. البيع تصرف جوهري يحتاج إذنًا قضائيًا مُسببًا يثبت المصلحة.
هل يمكن توزيع نفقة على القاصر من نصيبه قبل القسمة؟
يجوز بحدودٍ يقرها القضاء، وتُصرف عبر الحساب المخصص وبمستندات معتمدة.
كيف تُدار الديون مع وجود قاصر؟
الديون تُقدَّم على القسمة. يُباع من الأصول أو يُستعمل من السيولة بما يحقق العدالة ويمنع تضخم الالتزامات على نصيب القاصر مستقبلًا.
متى تُستبدل الولاية أو تُرفع الحراسة؟
عند التقصير أو تعارض المصالح أو تغيّر الظروف بما يضر بمصلحة القاصر، بقرار قضائي مُسبب.
أدوات الإثبات التي تقوّي قرارات الولي/الوصي
- تقييمان مستقلان قبل البيع، أو تقرير دخل للأصول المنتجة يبين أثر الإبقاء.
- عقود موحدة للإيجار أو التشغيل، وضبط التحصيل بتحويلات بنكية لا نقدًا.
- أرشفة إلكترونية: فواتير، أوامر صرف، كشوف حساب، محاضر تجديد/صيانة.
- مذكرات موجزة لكل طلب إذن: الواقعة، البدائل، التوصية، أثرها على مصلحة القاصر.
الولاية والوصاية داخل القسمة القضائية
عند تعذّر الاتفاق، تُرفع القسمة القضائية ويتولى الخبير فرز الأعيان إن أمكن، أو التوصية بالبيع وقسمة الثمن. وجود قُصّر لا يمنع القسمة، لكنه يفرض رقابةً أشد على العدالة الإجرائية: قيم مرجعية واضحة، فروقات تُسدّد بجداول مضمونة، وأذون قضائية لكل ما يمس نصيب القاصر. وعند نشوء خلافٍ لاحق على آلية التنفيذ، تُراجع مسارات المعالجة عبر مواد اعتراض على قسمة التركة داخل الموقع لتأمين الحكم.
الدمج العملي للجهات الرسمية داخل المتن
- تُرفع الطلبات وتُتابع عبر خدمات التركات عبر ناجز: إثبات ورثة، تعيين وصي/تثبيت ولاية، أذون بيع/استثمار، حراسة أو تصفية.
- تُراجع متطلبات الصيغ والمرفقات كما تنشرها وزارة العدل السعودية للتأكد من اكتمال الملف (ترجمة مصدقة، وكالات، نماذج موحّدة).
- يُسنَد التسبيب النظامي إلى اللوائح والأنظمة المنشورة لدى هيئة الخبراء – الأنظمة السعودية—خاصة ما يتصل بالإثبات والتنفيذ والولاية على المال.
نماذج بنود وصياغات مختصرة
بند فتح الحساب وإدارة التحصيل
«يفتح الولي/الوصي حسابًا بنكيًا مُسمّى لإدارة أموال القاصر ضمن التركة، وتورَّد إليه جميع المتحصلات المتعلقة بنصيب القاصر، ولا يُصرف منه إلا لنفقات حفظ المال أو ما يأذن به القضاء، مع حفظ المستندات وإصدار كشفٍ ربع سنوي يُسلَّم للمحكمة.»
بند الإذن بالبيع وفق تقييم مزدوج
«يُصرَّح للولي/الوصي ببيع العقار رقم (…) بما لا يقل عن متوسط قيمتي التقييم المستقلَّين المرفقين، عن طريق مزادٍ معلن أو تفاوض محكوم وفق الملحق (…)، وتوريد صافي المتحصل لحساب التركة مع تخصيص احتياطي لديون قائمة، ثم حفظ نصيب القاصر حتى القسمة النهائية.»
بند إدارة الاستثمار المتحفظ
«تُدار المحفظة الخاصة بنصيب القاصر في أدوات منخفضة المخاطر وسيولة مناسبة، ويُحظر الدخول في استثمارات عالية التذبذب دون إذنٍ خاص، مع تقرير مخاطر نصف سنوي.»
أخطاء شائعة يجب تجنبها
- التصرف دون إذن في أصلٍ يخص القاصر أو تحويل عوائد إلى حسابات شخصية.
- إهمال الجرد أو اعتماد تقديرات شفوية للقيم الكبيرة.
- ترك الأصول بلا صيانة بما يُنقص قيمتها على حساب القاصر.
- مزج الأموال وتغييب الشفافية في التحصيل والصرف.
- تأخير طلبات الإذن حتى تتفاقم المخاطر (فسخ عقود، غرامات).
خاتمة
إن إدارة الولاية والوصاية على القُصّر داخل ملفات التركات ليست ورقةً تضاف للملف، بل منهج يومي يُحافظ على قيمة الأصول ويحمي النصيب الشرعي. حين يُثبَّت الولي أو الوصي ويُفتح الحساب المخصص وتُبنى القرارات على إذنٍ مُسبب وملفٍ محاسبي شفاف—تتحول الإدارة من عبءٍ محفوف بالمخاطر إلى مسارٍ مهني يُغلق التركة بعدالة. والإدماج العملي للجهات الرسمية—ناجز لرفع الطلبات، توثيق التنازل بكتابات العدل لضبط الصيغ، وهيئة الخبراء لتسبيب الإجراءات—ليس ترفًا؛ بل هو الجسر الذي يعبر بالقاصر إلى حقه دون نزف وقتٍ أو قيمة. وفي كل خطوة، تبقى مصلحة القاصر البوصلة التي تُوجه القرار: حفظٌ للقيمة اليوم، وعدالةٌ في القسمة غدًا.
